ارتفع صوت المؤذن ... وهو مازال متلفعا ببردته غارقا في نومه ، الغفلة المميتة ساورت عقله وقلبه ، فجعلت منه دمية في يد الشيطان ، رأفت لحاله الشمس ، فبعثت شيئا من نورها إلى غرفته عله يستيقظ ، فتح عينيه قليلا وسرعان ما أفاق مفزوعا ، انطلق كالمجنون نحو الساعة ، ، تنهد من أعماقه : الحمد لله ، لم الفيلم بعد ، خمس دقائق من خلالها سأصلي الظهرين ، أخذ منديله ، وتوجه نحو دورة المياه ، لكن ثمة صوت ما أوقفه : وماذا لو بدأ الفيلم وأنت تصلي ، الصلاة إن خرج وقتها تستطيع أن تؤديها بع د الفيلم أما الفيلم إذا خرج وقته فلن تستطيع مشاهدته بعد الصلاة .
استجاب لصوت الشيطان ، وثب نحو ذاك الجهاز المقبوع وسط غرفته ضغط على الزر اعتكف أكثر من ساعة يشاهد فيلما أجنبيا منحطا تبثه قناة عربية إسلامية !!
مازال يشاهد وعيناه تزني والشمس تترقبه والأرض خجلة من عمله .
انتهى الفيلم لكن حيوانيته بدأت تطلب المزيد كل خلية من خلاياه تنشد عن صور صاغها للتو خياله .. صار يبحث من فضائية لأخرى ومصلاه مازالت تنتظر وعيناه مستمرتان نحو أجساد عارية .. وكرامات مهدورة .. وفجأة .. وقفته رحمة السماء تعجب من كلمة التقطتها عيناه من الشاشة ، تمتم : الرسول الكريم (( وما علاقة الرسول بالأخبار السياسية والرياضية انتظر حيثما يعود الشريط الإخباري مرة أخرى ، ليقرأ الخبر : مظاهرات في عدة دول إسلامية .. احتجازا على الإساءة إلى رسول السلام )) .. صعق لهول الجرم ، انتقل بالريموت إلى قناة إخبارية ليتحقق ، انجر باكيا : أيساء إلى رسول الله وأنا في غفلة من أمري ، المعذرة يا رسول الله .. المعذرة يا حبيب الله ، تبا لي ولحماقتي ، أركض وراء إعلامهم وأغفل عن معالم ديني وسنن نبيي وأعماق عقيدتي ماذا بقي لنا بعد رسول الله .. أهذا جزاؤه منا ، ونحن ندعي أنفسنا أمته وأتباعه .. أين كتابه خلفناه أين عترته تركناها أين مكانتنا التي خلفنا رسول الله فيها ، سحب قدمي ليتوضأ صلى الفريضة ثم حول ناظريه نحو المكتبة تناول بيدين ترتجفان خجلا كتابا هجره لأكثر من شهر .. فتحه ، تأمل كثيرا في كلماته ، صار يناديه .. المعذرة لله ولك يا رسول الله ويا كتاب الله ، أما لو كنا وسطا لما تجرأ علينا أحد عذرا أيها الكتاب الكريم .. عذرا أيها الرسول الكريم .